سمير عبدالباقي .. وحكاية شمروخ الأراجوز
الشاعر يواصل تسجيل مواقفه ورؤاه التأملية والانتقادية ويطبعها علي نفقته لإيجاد مساحة من التواصل مع الأصدقاء
< تراوح الشعر العامي الجميل الذي يضمه «شمروخ» وغيره من أشعار الكاتب ودواوينه المتنوعة بين الوطن والإنسان < قصائد الديوان حافلة بالسخرية والتهكم والمفارقة في سياقات عامة مشربة بتراث شعبي جميل يكشف عن جوهر المصري الذي لا يصدأ مهما علاه التراب دأب الشاعر سمير عبدالباقي علي نشر مطبوعة صغيرة وغير دورية بعنوان «شمروخ الأرجوز» علي نفقته الخاصة وإرسالها إلي الأصدقاء . من الكتاب وهو يبتغي من وراء هذا «الرقم الشعري» تسجيل مواقفه وأفكاره ورؤاه التأملية والانتقادية ، فضْلا عن إحداث مساحة من التواصل لعل هزَّة ما تثير النفس وتحرك الجسد.
ولقد ظل الشاعر سمير عبدالباقي يواصل هذا الدور حتي وصل الإصدار إلي رقم 43 وهو في دأبه هذا يتجلي توجهه الوطني والإنساني والذي يتحمل من أجل توصيله إلي القارئ عنتا ماديًا ونفسيًا واضحين .. وهي رسالة يسعي جاهدً علي القيام بها وتحمل نتائجها، أملاً ألاَّ يخذله الجسد حتي يظل صائحًا في «البرية» و«الحديقة الشعرية» يحدث القارئ عن الوطن، والتاريخ والرموز، وعن فترات الزهْو والنكوص، وعن التحولات التي أدمت النفوس، وعن القيم التي تغيرت وأصابت القلوب بالجراح .. وهو في ذلك كله يتمني لو يزرع في القلب «جذوة» تشتعل، علَّها تخلص الوطن من الصمود الذي سقط فيه ، فينتزع من «تربته» الحبة السوداء المريضة.
يقول في قصيدة رجلية طويلة بعنوان «إيه جري يا شعبي إيه».
سيبتوا الوطن يتقل نومه
وسهرتوا بتغازله نجومه
جري لكو إيه ياولاد «بمبة»
يا للي فقعتوا الخوف زومبة
يااللّي أسرْتم مرة «لويس»
وبرمتمُ الأتْراك قراطيس
لقد تراوح الشعر العامي الجميل الذي يضمه «شمروخ» وغيره من أشعار الكاتب ودواوينه المتنوعة .. تراوح بين محورين كبيرين شغلا مساحة عريضة في إبداعه العام .. هما .. الوطن والإنسان وجاءت قصائده طويلة أو قصيرة حافلة بالسخرية والتهكم والمفارقة في سياقات عامة مشربة بتراث شعبي جميل يكشف عن جوهر الإنسان المصري الذي لا يصدأ مهما علاه التراب وهمته الأحداث.
يقول في قصية بعنوان «كابوس»:
نُص البلدْ عسَّكر علي نُصها
ولصِّها سمْسر في ديك أمها
ولأنّه عايش علي نشف ريْقها
حَ يْموت عافِقها من رغيف همّها
وفي جانب آخر من شعره يعلو حسه التأملي ويتراسل مع مفردات الكون والطبيعة ويتصالح مع نغم الحياة الساري في الكائنات .. وهو شعر جاء في هيئة رباعيات .. يتسم بالجمال التعبيري والموسيقي المواكبة للصورة والدلالة الواضحة الواشية بعمق التأمل وصفا النفس وتوقها إلي الأجمل.
يقول في رباعية بعنوان :« حلم الجعان».
كان نِفْسي ادخل في بستانك ولو عصفور
يخفيني كرْم العنب عن عيد حِدَا وصقور
أسكر بعطر الزهور أشبع من الفاكهة
واهرب واعاوْد ما يمنعني حرس ولا سور
وفي قصيدة طويلة يرثي فيها زوجته الفنانة والتي اختطفها الموت بعد رحلة معايشة طويلة مع فن العرائس .. نتوقف أمام الشجن وصورة الموجعة
عيشتي يا «نجلاء» عيوب جوزك تداديها
كم شيلت ياما وداريتي .. من خوافيها
لكنّ مَراودِ الْفرح أفنت جبال الحزن
والحب وهبِكْ شموع صوت لياليها.
محمد قطب